Related topics

الألم الاقتصادي وضربات تركية يدفعون أكراد سوريا إلى أوروبا

December 18, 2022 GMT
1 of 5
In this UGC photo Baran Mesko takes a selfie in a fishing boat with a dozen other Kurdish Syrian migrants before leaving to Spain in Oran, Algeria, on Saturday, Octo. 15, 2022. A growing number of Syrian Kurds are making the journey to Europe on a circuitous course that includes travel by car and plane across Lebanon, Egypt, Libya, Algeria, then finally by boat to Spain. (AP Photo/Baran Msko)
1 of 5
In this UGC photo Baran Mesko takes a selfie in a fishing boat with a dozen other Kurdish Syrian migrants before leaving to Spain in Oran, Algeria, on Saturday, Octo. 15, 2022. A growing number of Syrian Kurds are making the journey to Europe on a circuitous course that includes travel by car and plane across Lebanon, Egypt, Libya, Algeria, then finally by boat to Spain. (AP Photo/Baran Msko)

القامشلي، سوريا (أ ب)- ظل باران رمضان مسكو مختبئا مع مجموعة من المهاجرين لعدة أسابيع في مدينة وهران الجزائرية، في انتظار الفرصة لاستقلال قارب لعبور البحر المتوسط إلى أوروبا.

قبل أيام من بدء الكردي السوري البالغ من العمر 38 عاما، رحلته المحفوفة بالخطر باتجاه أوروبا تلقى أنباء عن غرق قارب كان يقل عددا من أصدقائه بعد وقت قصير من مغادرته الساحل الجزائري، وغرق معظم ركابه.

جاءت الصدمة، بعد أن أمضى أسابيع في محاولة الوصول إلى الجزائر من سوريا ثم الانتظار لشهر حتى يضعه المهرب على متن القارب.

ولكن إنفاقه آلاف الدولارات لخوض الرحلة، ومع وجود زوجته وابنتيه (3 و4 سنوات) اللاتي يعتمدن عليه لعيش حياة آمنة من الصراع، لم يجد المهندس الذي تحول إلى صحفي بدا من الصعود على متن قارب صيد صغير مع عشرات الرجال الآخرين والذين التقطوا صورة جماعية لإرسالها إلى عائلاتهم قبل أن يتوقفوا عن الاتصال بالإنترنت.

بعد رحلة استغرقت 12 ساعة طوال الليل، وصل مسكو إلى مدينة ألميريا الإسبانية، في 15 أكتوبر/ تشرين أول، ثم توجه إلى ألمانيا بعد أربعة أيام، حيث بات الآن طالب لجوء في مستوطنة للمهاجرين بالقرب من بيليفيلد.

ADVERTISEMENT

وما زال يحاول الاعتياد على الطقس البارد، ويستخدم تطبيق ترجمة على هاتفه لمساعدته على التجول أثناء تعلمه اللغة الألمانية، مشيرا إلى آماله في تسوية أوضاعه قريبا حتى تتمكن عائلته من اللحاق به.

ووفقا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة غرق ما لا يقل عن 246 مهاجرا فقدوا أثناء محاولتهم عبور غرب البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2022.

يأتي مسكو ضمن عدد متزايد من الأكراد السوريين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا في مسار متعرج يشمل السفر بالسيارة والطائرة عبر لبنان ومصر وليبيا والجزائر، ثم أخيرا بالقارب إلى إسبانيا.

ويقول المهاجرون إنهم يختارون هذا الطريق الملتوي خوفا من اعتقالهم من قبل القوات التركية أو المسلحين المدعومين من تركيا في سوريا إذا حاولوا التسلل إلى تركيا، التي تعد الطريق الأقصر إلى أوروبا.

وفقًا لبيانات وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس)، عبر 591 سوريا على الأقل البحر المتوسط من الجزائر والمغرب إلى إسبانيا عام 2022، أي ستة أضعاف السوريين الذين عبروه العام الماضي.

وقال مهرب كردي سوري في الجزائر إن عشرات الأكراد من سوريا يصلون إلى مدينة وهران الساحلية الجزائرية كل أسبوع في رحلة بحرية.

وأوضح المهرب للأسوشيتدبرس، شريطة عدم الكشف عن هويته خوفا من الاعتقال من قبل السلطات الجزائرية، ”لم أشهد أعدادا بهذا الارتفاع من قبل”.

تركت سنوات الصراع والتدهور الاقتصادي بصماتها على مناطق شمال سوريا، التي يقطنها حوالي 3 ملايين شخص والتي تقع تحت السيطرة الفعلية للأكراد. واستهدف مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والقوات التركية وجماعات المعارضة السورية المنطقة من الجيب الذي يسيطر عليه المتمردون في شمال غرب البلاد. كما أدى تغير المناخ وتفاقم الفقر إلى تفشي وباء الكوليرا في الأشهر الأخيرة.

ADVERTISEMENT

يأتي العديد من المهاجرين من مدينة كوباني (عين العرب) السورية، التي تصدرت عناوين الصحف قبل سبع سنوات عندما صمد المقاتلون الأكراد في مواجهة حصار وحشي لتنظيم الدولة الإسلامية.

وإلى هذا، قال جوزيف ضاهر، الأستاذ بمعهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا، إن البلدة تُركت في حالة خراب، ومنذ ذلك الحين، ”لم يحدث الكثير” لمحاولة إعادة إعمارها، مشيرا إلى أن معظم الأموال المخصصة للتنمية تذهب إلى مدن شرق سوريا.

وقد منحت الأحداث الأخيرة التي تشهدها منطقة شمال شرق سوريا سكانها حافزا إضافيا للمغادرة.

كثفت تركيا هجماتها على المناطق الكردية في سوريا بعد تفجير وقع في إسطنبول في نوفمبر/تشرين ثان وأسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين. وتلقي أنقرة باللوم في الهجوم على حزب العمال الكردستاني المحظور والميليشيا الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، وحدات حماية الشعب في سوريا. ونفى كلاهما مسؤوليته عن الهجوم.

ADVERTISEMENT

منذ ذلك الحين، قصفت الضربات الجوية التركية مناطق في شمال شرق سوريا، بما فيها كوباني، ما أدى إلى تدمير بنيتها التحتية المتهالكة بالفعل، وتعهدت أنقرة بغزو بري.

يتذكر بوزان شاهين، وهو مهندس من كوباني، غارة جوية تركية شنت الشهر الماضي.

وقال شاهين ”رأيت أمي ترتجف من الخوف وتمسك بأختي البالغة من العمر 4 سنوات لتهدئتها”.

ويريد شاهين الآن الانضمام إلى تدفق الأكراد المتجهين من سوريا إلى أوروبا.

وأضح قائلا ”لدي بعض الأصدقاء الذين وجدوا طريقة للوصول إلى لبنان من خلال مهرب والذهاب إلى مكان ما عبر ليبيا...لست على دراية بكل التفاصيل، لكنني أحاول أن أرى كيف يمكنني القيام بهذه الرحلة بأمان”.

هذه العملية، التي تستغرق أسابيع وتكلف آلاف الدولارات، تديرها شبكة تهريب تقوم برشوة الجنود السوريين لإيصال المهاجرين عبر نقاط التفتيش - حيث يمكن احتجازهم بسبب التهرب من التجنيد أو النشاط المناهض للحكومة - ثم عبر الحدود المليئة بالثغرات إلى لبنان، على حد قول المهاجرين والمهربين.

ADVERTISEMENT

وهناك، يمكث المهاجرون عادة في شقق مزدحمة في بيروت لمدة أسبوع تقريبا في انتظار جوازات سفر عاجلة من السفارة السورية عن طريق وسيط مهرب.

وعند الحصول على جوازات السفر، يسافر المهاجرون إلى مصر، حيث يمكن للسوريين الدخول بدون تأشيرة، ثم القيام برحلة أخرى إلى بنغازي في ليبيا التي مزقتها الحرب قبل الشروع في الرحلة إلى الجزائر عبر شبكة أخرى من المهربين.

وفي السياق، قال ميسكو ”ذهبنا في شاحنات صغيرة وسيارات جيب وأخذونا عبر ليبيا عبر طرابلس والطريق الساحلي وكنا نبدل السيارات كل 500 كيلومتر أو نحو ذلك”.

وأثناء الرحلة عبر الصحراء، كان عليهم عبور نقاط التفتيش التي تديرها جماعات مسلحة ليبية متنوعة.

وأضاف ميسكو ”بعض الحراس عند نقاط التفتيش عاملونا معاملة مروعة عندما علموا أننا سوريون، أو أخذوا نقودنا وهواتفنا، أو جعلونا نقف في الخارج في الحر لساعات”.

كما ذكر ميسكو أن جماعة مسلحة خطفت مجموعة المهاجرين الذين غادروا قبله وطالبت بمبلغ 36 ألف دولار للإفراج عنهم.

بحلول الوقت الذي وصلوا فيه إلى مدينة وهران الجزائرية، شعر ميسكو بالارتياح للجوء إلى شقة يديرها المهربون. وبينما كانوا ينتظرون لأسابيع، أمضى هو والمهاجرون الآخرون معظم وقتهم في الداخل.

ADVERTISEMENT

وقال ميسكو ”لم نتمكن من التحرك بحرية في جميع أنحاء وهران ، لأن قوات الأمن في كل مكان ولم ندخل البلاد بشكل قانوني...كانت هناك أيضا عصابات في المدينة أو حتى على الساحل تحاول سرقة المهاجرين وأخذ أموالهم”.

تتهم جماعات حقوق الإنسان السلطات الجزائرية باعتقال المهاجرين وفي بعض الحالات طردهم عبر الحدود البرية.

ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، طردت الجزائر أكثر من 13000 مهاجر إلى النيجر المجاورة جنوبا في النصف الأول من عام 2021.

على الرغم من ارتياحه لوصوله بأمان إلى ألمانيا مع فرصة لإحضار زوجته وبناته إلى هناك، يشعر ميسكو بالندم على مغادرته كوباني.

وقال ”كنت دائما معارضا لفكرة الهجرة أو حتى النزوح...كلما اضطررنا إلى الانتقال إلى منطقة أخرى بسبب الحرب، كنا نعود إلى كوباني بمجرد أن نتمكن من ذلك”.

يقضي ميسكو معظم وقته في مقابلات اللجوء وجلسات الاستماع في المحكمة، لكنه يقول إنه في حالة معنوية جيدة لعلمه بأنه بدأ عملية لم يحلم بها إلا منذ شهور. ويأمل في الحصول على وضع اللجوء قريبا، حتى تتمكن زوجته وبناته من الالتحاق به في أوروبا.

واستطرد قائلا ”سوريا أصبحت بؤرة حرب وفساد وإرهاب...عشنا على هذا النحو لمدة 10 سنوات، ولا أريد أن يعيش أطفالي هذه التجارب، وأن يروا كل هذه الفظائع”.