التونسيون ينتخبون برلمانا جديدا مع مخاوف اقتصادية وديمقراطية
تونس العاصمة، تونس (أ ب)- يدلي التونسيون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد يوم السبت، على خلفية أزمة غلاء متصاعدة ومخاوف من تراجع الديمقراطية في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، مهد احتجاجات الربيع العربي قبل عقد من الزمن .
تقاطع أحزاب المعارضة - بما في ذلك تحالف (جبهة الخلاص) الذي ينتمي إليه حزب (النهضة) الشعبي- الانتخابات لأنها تقول إن التصويت جزء من جهود الرئيس قيس سعيد لتوطيد سلطته. ومن المرجح أن يؤدي قرار المقاطعة إلى خضوع المجلس التشريعي المقبل للرئيس، الذي يتهمه منتقدوه بالانحراف نحو الاستبداد.
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 8 صباحا بالتوقيت المحلي (0700 بتوقيت غرينتش)، ومن المقرر أن تغلق في الساعة 6 مساء بالتوقيت المحلي (1700 بتوقيت غرينتش).
اجتمع مجلس النواب آخر مرة في يوليو/ تموز 2021. بعد ذلك جمد سعيد الهيئة التشريعية وأقال الحكومة بعد سنوات من الجمود السياسي والركود الاقتصادي. وتم حل البرلمان في مارس/ آذار. ومنذ ذلك الحين، عمد سعيد، الذي انتخب في عام 2019 ولا يزال يحظى بدعم أكثر من نصف الناخبين، إلى الحد من استقلال القضاء وإضعاف سلطات البرلمان.
في استفتاء جرى في يوليو / تموز، وافق التونسيون على دستور يمنح الرئيس سلطات تنفيذية واسعة. واستفاد سعيد، الذي قاد المخطط وكتب نص الدستور بنفسه، من التفويض في سبتمبر/ أيلول، حيث غير قانون الانتخابات لتقليص دور الأحزاب السياسية.
يخفض القانون الجديد عدد أعضاء مجلس النواب بالبرلمان من 217 إلى 161، الذين سيتم انتخابهم الآن بشكل مباشر بدلا من القائمة الحزبية. ويمكن عزل المشرعين الذين ”لا يقومون بأدوارهم” إذا قدم 10 بالمائة من ناخبيهم طلبا رسميا.
يقول منتقدون إن إصلاحات قانون الانتخابات أثرت بشكل خاص على النساء. وهناك 127 امرأة فقط من بين 1055 مرشحا خاضوا انتخابات السبت.
منتقدو سعيد يتهمونه بتعريض العملية الديمقراطية للخطر. لكن كثيرين غيرهم يعتقدون أن إلغاء القوائم الحزبية يضع الأفراد في مرتبة متقدمة على الأحزاب السياسية وسيحسن مساءلة المسؤولين المنتخبين. وهم غاضبون من النخب السياسية، ويرحبون بالإصلاحات السياسية التي يقوم بها رئيسهم الاستبدادي على نحو متزايد، ويرون في التصويت على البرلمان الجديد فرصة لحل أزمتهم الاقتصادية الأليمة.
وبدا إقبال الناخبين منخفضا خلال ساعات الصباح، على الرغم من أن مراسلي الأسوشيتدبرس رأوا أشخاصا يصطفون خارج عدة مراكز اقتراع حول العاصمة تونس.
أدلى الرئيس سعيد وعقيلته بصوتيهما في حي النصر الراقي شمالي تونس العاصمة صباح السبت.
ودعا سعيد المواطنين إلى التصويت ”بقلوبكم وضميركم لاستعادة حقوقكم المشروعة في العدالة والحرية”.
كما حذر من دعم أولئك الذين زعم أنهم أساءوا استخدام السلطة و”استنزفوا موارد البلاد القيمة بعد رشوة الناس لانتخابهم بموجب قانون الانتخابات القديم”.
يشار إلى أن الحكومة التونسية مثقلة بالديون وبنقص مزمن في الأموال لسداد ثمن الغذاء والطاقة اللذين تشتد الحاجة إليهما.
ارتفعت أسعار المواد الغذائية خلال الأشهر الماضية. ويهدد نقص المواد الأساسية مثل السكر والزيوت النباتية والأرز والحليب وحتى المياه المعبأة، بتحويل السخط المتصاعد إلى اضطراب أكبر.
يعتقد كثيرون أن الثورة الديمقراطية في بلادهم التي دامت عقدا من الزمان قد فشلت، بعدما كانت تونس الدولة الوحيدة التي خرجت من احتجاجات الربيع العربي بحكومة ديمقراطية.
يأتي التصويت في الذكرى الـ12 للحدث الذي أطلق شرارة الربيع العربي، عندما أضرم بائع فواكه تونسي، هو محمد البوعزيزي، النار في نفسه بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في ظل حكم الرجل الواحد لزين العابدين بن علي. توفى البوعزيزي بعد أسابيع. وأثار فعل اليأس الذي قام به احتجاجات أدت إلى الإطاحة بالمستبد وأثارت انتفاضات مماثلة في جميع أنحاء العالم العربي.