تجربة تونس السياسية تنذر بانهيار اقتصادي
نيس، فرنسا (أ ب)- يبدو أن الرئيس التونسي الاستبدادي على نحو متزايد مصمم على قلب النظام السياسي في البلاد. يقول خبراء إن الاستراتيجية لا تهدد فقط الديمقراطية التي كان ينظر إليها على أنها نموذج للعالم العربي، بل إنها تدفع الاقتصاد أيضا نحو الانهيار.
جمد صندوق النقد الدولي اتفاقية تهدف إلى مساعدة الحكومة في الحصول على قروض لدفع رواتب القطاع العام وسد فجوات الميزانية التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
المستثمرون الأجانب ينسحبون من تونس، ووكالات التصنيف في حالة تأهب، والتضخم والبطالة آخذان في الارتفاع، والعديد من التونسيين- الذين كانوا في يوم من الأيام فخورين بالازدهار النسبي لبلدهم- يكافحون الآن لتغطية نفقاتهم.
أدت كارثة انتخابية قبل أسبوع إلى تفاقم الأمور: فقد شارك 11٪ فقط من الناخبين في الجولة الأولى من التصويت لاختيار برلمان جديد يهدف إلى استبدال الهيئة التشريعية التي حلها الرئيس قيس سعيد العام الماضي. وتطالب شخصيات معارضة، بما في ذلك من حزب النهضة الإسلامي الشعبي، بتنحيه وتهدد النقابات بإضراب عام.
صمم سعيد بنفسه الانتخابات لاستبدال البرلمان وإعادة تشكيله، في إطار إصلاحات واسعة تعزز سلطاته والتي يقول إنها ستحل الأزمات المتعددة في تونس. لكن خيبة أمل الناخبين من الطبقة الحاكمة وسط مشاكل اقتصادية حادة ساهمت في مقاطعة الانتخابات تقريبا.
أعرب حلفاء تونس الغربيون، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، عن القلق وحثوا الرئيس على إجراء حوار سياسي شامل من شأنه أن ينقذ الاقتصاد الراكد. كانت تونس مهد انتفاضات الربيع العربي الديمقراطية قبل 12 عاما.
Former first daughter Barbara Bush tells AP about helping lead NBA's social responsibility efforts
Bruce Springsteen postpones all 2023 tour dates until 2024 as he recovers from peptic ulcer disease
Travis Kelce notes Taylor Swift's bold appearance at Chiefs game but is mum about any relationship
Winner of last month's $1.6 billion Mega Millions jackpot claims prize in Florida
رفض سعيد الانتقادات بشأن قلة الإقبال على التصويت، قائلا إن ما يهم حقا هو الجولة الثانية من التصويت في 19 يناير/ كانون ثان. وأكد أن إصلاحاته ضرورية لتخليص البلاد من الطبقة السياسية الفاسدة وأعداء تونس في الخارج. وهاجم خصومه السياسيين في حزب النهضة، الذي كان له أكبر عدد من النواب في البرلمان السابق، وأمر باعتقال نائب رئيسه ورئيس الوزراء السابق علي العريض هذا الأسبوع بتهم تتعلق بالإرهاب.
قالت مونيكا ماركس، الخبيرة في الشؤون التونسية وأستاذة سياسات الشرق الأوسط في جامعة نيويورك بأبو ظبي: ”يبدو أن سعيد لا يتأثر بالانتقاد وعازم على شق طريقه نحو نظام سياسي جديد بغض النظر عن قلة التونسيين المنخرطين في هذه العملية.”
أضافت “لم يطلب أي تونسي من سعيد إعادة اختراع عجلة السياسة التونسية وكتابة دستور جديد وتعديل قانون الانتخابات. ما يطلبه التونسيون هو حكومة أكثر احتراما تلبي احتياجاتهم من الخبز والزبد وتمنحهم الكرامة الاقتصادية.”
ساعدت وعود سعيد بتحقيق الاستقرار في الاقتصاد على ضمان فوزه الساحق في الانتخابات الرئاسية لعام 2019.
لكنه لم يقدم بعد خطة أو استراتيجية للتعافي الاقتصادي لحكومته المثقلة بالديون وتأمين الأموال اللازمة لدفع إعانات الغذاء والطاقة. وعمد الرئيس إلى تهميش الاقتصاديين في مؤسسات الدولة، مما أدى إلى تعطيل ميزانية الدولة وإفساد بيئة المستثمرين الأجانب.
عانى التونسيون من ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية ونقص في الوقود والمواد الأساسية مثل السكر والزيت النباتي والأرز في الأشهر الأخيرة. وبلغ معدل التضخم 9.1٪، وهو الأعلى منذ ثلاثة عقود، وفقا للمعهد الوطني للإحصاء، ويقول البنك الدولي إن معدل البطالة بلغ 18٪.
قال جيف بورتر، الخبير الأميركي في شؤون شمال افريقيا: ”يبدو أن الرئيس سعيد يعتقد بسذاجة أنه إذا تمكن فقط من استكمال خارطة الطريق السياسية، فإن الاقتصاد سيصلح نفسه”.
توصلت تونس إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار في أكتوبر/تشرين أول. كان من شأن الاتفاق تمكين الحكومة التونسية المثقلة بالديون من الحصول على قروض من مانحين آخرين على مدى أربع سنوات مقابل إصلاحات اقتصادية تشمل تقليص قطاع الإدارة العامة- أحد أكبر القطاعات في العالم- والرفع التدريجي للدعم.
كان الاتفاق خاضعا لموافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال اجتماع كان مقررا عقده في 19 ديسمبر / كانون أول. وذكرت وكالة الأنباء الحكومية (تاب) أن ”الحكومة وصندوق النقد الدولي اتفقا على تأجيل” القرار النهائي بشأن القرض لمنح المسؤولين التونسيين ”مزيدا من الوقت لتقديم خطة إصلاح جديدة للاقتصاد الراكد في البلاد”.
قال بورتر إن تونس بحاجة ماسة إلى الحصول على حقوق السحب الخاصة من أجل تجنب التخلف عن سداد الديون الخارجية وتحقيق الاستقرار في الاقتصاد. وأضاف: ”بدون تمويل صندوق النقد الدولي، سيتسارع التراجع الاقتصادي في تونس”.
بالنسبة للمستثمرين الأجانب العاملين في تونس فهم يشعرون بالقلق.
فقد غادرت شركتا تصنيع الأدوية (نوفارتيس) و(باير) البلاد بسبب الضائقة المالية. وأعلنت شركة (رويال داتش شل)، التي تشغل حقلي غاز يشكلان 40٪ من الإنتاج المحلي التونسي، في نوفمبر/ تشرين ثان أنها ستخرج من تونس بحلول نهاية العام. وقال بورتر إنه على الرغم من الضجيج حول قطاع الهيدروجين في البلاد، لم يتم عمل أي شيء لجذب المستثمرين لأن المؤسسات التنظيمية في البلاد مشلولة بسبب تحركات سعيد السياسية.
كما فقد الرئيس الدعم المبدئي من اتحاد العمال القوي في البلاد، الاتحاد العام التونسي للشغل، لخطة الإصلاح التي وضعها صندوق النقد الدولي مقابل خطة الإنقاذ.
وافق الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي في أغسطس / آب على مناقشة ”عقد اجتماعي” جديد لمساعدة التونسيين الذين يعانون من ضائقة مالية، حسب ما أوردته وكالة (تاب). لكن الطبوبي، الذي يمثل اتحاده المؤثر 67٪ من القوة العاملة في تونس، تراجع مؤخرا عن التزامه. وجدد معارضته للمطلبين الرئيسيين لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على برنامج قروض: وهما تجميد أجور القطاع العام وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة.